تحليل الوضع الحالي للأسواق العقارية
في الولايات المتحدة:
شهد السوق العقاري تباطؤًا ملحوظًا في العام الماضي بسبب ارتفاع الأسعار ومعدلات الفائدة. انخفض عدد مبيعات المنازل إلى حوالي 4.06 مليون منزل سنويًا – وهو أدنى مستوى منذ ما يقرب من 30 عامًا. يأتي ذلك نتيجة ارتفاع معدلات الرهن العقاري إلى حوالي 7% جنبًا إلى جنب مع تضخم أسعار المنازل. ورغم هذا الانخفاض في حجم المبيعات، استمرت أسعار المنازل بالصعود على أساس سنوي بنحو 2.7% وفقًا لمؤشر Zillow، حيث بلغ متوسط سعر المنزل الأميركي حوالي 355 ألف دولار. على سبيل المثال، وصل متوسط سعر بيع المنزل القائم إلى 396,900 دولار في يناير 2025 بحسب الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين. هذا المزيج من الأسعار المرتفعة والفائدة العالية أبقى القدرة على تحمل تكاليف السكن عند مستويات متدنية تاريخيًا، حيث يخصص المشترون حصة قياسية تتجاوز 40% من دخلهم للمدفوعات الشهرية. وأشار كبير اقتصاديي NAR لورنس يون إلى أن معدلات الرهن العقاري ظلت عنيدة عند مستويات عالية رغم قيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض معدلات الفائدة قصيرة الأجل عدة مرات، مما أبقى مشكلة القدرة على تحمل تكلفة السكن قائمة في ظل الأسعار المرتفعة. أما في القطاع التجاري الأمريكي، فقد تأثرت العقارات المكتبية والتجارية سلبًا من ارتفاع تكاليف التمويل وتغير أنماط العمل؛ إذ تراجع مؤشر أسعار العقارات التجارية بحوالي 22% عن ذروته في مارس 2022 تحت وطأة معدلات الفائدة المرتفعة، مع ارتفاع معدلات الشواغر في المكاتب بالمدن الكبرى بسبب تبني العمل الهجين.
في منطقة الخليج والشرق الأوسط:
اتسمت الأسواق العقارية بالنشاط رغم بعض التحديات. في السعودية ارتفعت أسعار العقارات السكنية بشكل معتدل مدفوعة بالطلب القوي. ارتفع مؤشر الأسعار السكنية بنحو 3.1% خلال 2024 مقارنة بالعام السابق، مع تباين حسب النوع؛ حيث زادت أسعار الشقق بحوالي 3% والفيلات بنحو 6.5% على أساس سنوي حتى الربع الرابع 2024، في حين انخفضت أسعار بعض أنواع المساكن التقليدية انخفاضًا طفيفًا. ويعزى هذا النمو إلى ندرة المساكن وارتفاع الطلب من كل من المواطنين والمقيمين؛ فقد شهدت الرياض على سبيل المثال زيادة 31% في عدد الصفقات السكنية في الربع الثالث من 2024 مقارنة بالعام السابق، وارتفاعًا سنويًا بحوالي 5% في متوسط أسعار الفيلات و4% للشقق. كما أدت مشاريع رؤية 2030 إلى جذب أعداد كبيرة من الوافدين إلى المدن الرئيسية، مما زاد الضغط على الإسكان. بالمقابل، أدت تكلفة الأراضي والإنشاء المرتفعة إلى زيادة كلفة التطوير العقاري وتقليل القدرة على تحمل الأسعار، مما شكل تحديًا خصوصًا أمام المشترين الجدد؛ إذ أشار تقرير لشركة Knight Frank إلى تراجع نسبة المشترين لأول مرة من 40% إلى 29% نتيجة ارتفاع الأسعار وكلفة الاقتراض. في الإمارات، تجاوز أداء السوق التوقعات في 2024 بتحقيق حجم معاملات قياسي ونمو سعري قوي في كل من دبي وأبوظبي. سجلت دبي مستويات تاريخية في المبيعات وطلبات الرهن، وارتفعت أسعار العقارات السكنية والتجارية إلى مستويات قياسية. ازداد الإقبال على العقارات تحت الإنشاء ليشكّل حصة متزايدة من المبيعات، مما دفع البعض للتحذير من فقاعة محتملة في هذا القطاع. كما شهدت أبوظبي نموًا سنويًا ملحوظًا في الأسعار والإيجارات السكنية خلال 2024. تجدر الإشارة إلى أن القطاع المكتبي في مدن الخليج حافظ على زخمه؛ ففي الرياض ودبي بلغت نسب الإشغال في المكاتب الممتازة مستويات عالية مع ارتفاع كبير في الإيجارات بفعل نقص المعروض. واستفاد قطاع الضيافة والتجزئة الفاخرة من عودة النشاط السياحي بقوة (مثلاً ارتفع عدد زوار السعودية الدوليين 27% خلال الأشهر التسعة الأولى من 2024). على الجانب الآخر، شهدت بعض الأسواق الخليجية الأصغر أداءً أكثر هدوءًا؛ في عمان مثلاً أدت الفائدة المرتفعة إلى فتور السوق وانخفاض أسعار الشقق بنحو 13% خلال 2024، رغم ارتفاع طفيف بأسعار الفلل (+2.5%). عمومًا، يمكن وصف الوضع الراهن بأن الأسواق الخليجية لا تزال تشهد ارتفاعًا عامًا في الأسعار مدعومًا بازدهار اقتصادي وسياسات حكومية محفزة، وإن كانت تواجه تحديات تتعلق بقدرة السكان على الشراء مع ارتفاع تكلفة التمويل.
تأثير التضخم على قرارات الشراء والبناء
أدى التضخم العالمي في العامين الأخيرين إلى ارتفاع كبير في تكلفة بناء المساكن، مما أثّر مباشرة على قرار شراء منزل جاهز مقابل بناء منزل جديد. خلال فترة جائحة كورونا وما تلاها، ارتفعت أسعار المواد الخام بشكل حاد نتيجة اضطرابات سلاسل الإمداد وزيادة الطلب. على سبيل المثال، في الولايات المتحدة ارتفع متوسط مؤشر أسعار مواد البناء بنسبة 15% في 2022 قبل أن يتباطأ النمو بشكل كبير إلى 1.3% فقط في 2023 مع انحسار التضخم العام. بعض المواد شهدت قفزات تاريخية في الأسعار؛ منها الخرسانة الجاهزة التي ارتفع سعرها 11.2% خلال 2023 بمفرده بعد زيادة 10.3% في 2022، وهو ما يمثل ثاني أكبر ارتفاع لمدة عامين منذ عام 2000. ورغم تراجع أسعار الأخشاب بنسبة 31% في 2023 مع تعافي الإمدادات، إلا أنها لا تزال أعلى بحوالي 22% مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة. هذا التضخم في مدخلات البناء انعكس على تكلفة تشييد الوحدات السكنية: تشير بيانات وكالة تمويل الإسكان الأمريكية إلى أن بناء وحدة سكنية في 2023 أصبح يكلف أكثر بنحو 31% مما كان عليه قبل الجائحة، رغم استقرار التكاليف نسبيًا دون الذروة المسجلة في أوائل 2022 بحوالي 10%. وبعبارة أخرى، تجاوزت تكاليف البناء معدل التضخم العام نفسه، مما جعل تشييد منزل جديد اليوم عبئًا ماليًا أكبر بكثير مما كان قبل سنوات قليلة.
وفي دول الخليج، أدى التضخم العالمي وارتفاع أسعار المواد إلى زيادة واضحة في تكاليف الإنشاء أيضًا. قدّرت شركة Currie & Brown للاستشارات أن تكلفة البناء في 2023 ارتفعت بنحو 7% في السعودية وبنحو 3% في الإمارات، مع توقع استمرار الارتفاع في 2024 بنسبة 5-7% إضافية بالسعودية و2-3% في الإمارات. وهذا يعني أن من يرغب ببناء منزل في الرياض أو جدة، مثلاً، عليه أن يتوقع ميزانية أعلى بشكل ملحوظ مما كانت عليه قبل بضع سنوات بسبب غلاء المواد وأجور العمالة. وفي الوقت نفسه، ساهم ارتفاع أسعار الفائدة (كأداة لمواجهة التضخم) في زيادة تكلفة التمويل العقاري والبنكي للمشاريع الإنشائية. فالقروض الإنشائية أصبحت أكثر كلفة، مما دفع بعض المستثمرين والأفراد لتأجيل مشاريع البناء أو تقليل حجمها. كما أن التضخم المرتفع يؤثر على قرارات التمويل العقاري للأسر؛ فالمشترون المحتملون يواجهون تكلفة اقتراض أعلى بكثير تجعل الأقساط الشهرية مرهقة، وهو ما أدى إلى تراجع الإقبال على الرهون العقارية في بعض الأسواق. على سبيل المثال، في قطر سارع الكثير من المشترين لأخذ قروض عقارية في النصف الأول من 2024 رغم الفائدة المرتفعة، لكن مع بوادر انخفاض الفائدة في النصف الثاني من العام أبطأوا وتيرة الاقتراض ترقبًا لمزيد من الخفض. هذا السلوك يؤكد حساسية قرار الشراء للظروف الاقتصادية الكلية: فارتفاع التضخم ثم الفائدة يجعل البعض يتريث على أمل ظروف تمويلية أفضل.
عند المقارنة بين شراء منزل جاهز أو بناء منزل جديد في ظل هذه الأوضاع، نجد لكل خيار مزاياه وتحدياته. تضخم تكاليف البناء جعل كلفة بناء منزل من الصفر أعلى بشكل ملحوظ من شراء منزل قائم مماثل. وفقًا لتقديرات حديثة، قد يكون بناء منزل جديد أغلى بحوالي 150 ألف دولار من شراء منزل جاهز مشابه في الولايات المتحدة، حيث بلغ متوسط تكلفة بناء منزل جديد هناك نحو 665 ألف دولار شاملاً الأرض والإنشاء والرسوم، بينما متوسط سعر منزل قائم يقارب 380 ألف فقط. بالطبع، المنزل الجديد قد يوفر توفيرًا مستقبليًا في تكاليف الصيانة والتحديث كونه مبنيًا وفق أحدث المعايير، لكن على المدى القصير فإن كلفة بنائه مقدمًا أعلى وتتطلب سيولة أو تمويلاً أكبر. في دول الخليج، قد تكون الفجوة أقل حدة بسبب بعض عوامل الدعم (مثل توفر أراضٍ مجانية أو قروض مدعومة للمواطنين في السعودية)، إلا أن شراء منزل جاهز يظل أقل مخاطرة من حيث ضبط التكلفة مقارنة ببناء جديد قد تتصاعد مصاريفه مع الوقت. أيضًا يتيح الشراء الاستفادة فورًا من الأصل العقاري وتجنب فترات الانتظار الطويلة والتأخيرات المحتملة في الإنشاء التي تفاقمت مؤخرًا بسبب مشكلات سلاسل التوريد والتصاريح.
من جانب آخر، التضخم يؤثر على قرارات تمويل العقارات بطرق متعددة. في بيئة التضخم المرتفع، الفوائد المصرفية ترتفع كما ذكرنا، ما يجعل الاقتراض العقاري مكلفًا ويؤدي أحيانًا إلى استنزاف أهلية الاقتراض لدى المشترين (بانخفاض مبلغ القرض الممكن الحصول عليه). بعض المشترين قد يفضلون خيار التمويل الثابت طويل الأجل في ظل التضخم (على اعتبار أن الأقساط ثابتة وقيمة الدين تقل فعليًا مع التضخم بمرور السنين)، ولكن المشكلة تكمن في تحمل تلك الأقساط المرتفعة حاليًا. هناك أيضًا من يرى في الأصول العقارية ملاذًا آمنًا من التضخم، فيسارعون للشراء كتحوط مالي حتى لو كانت الفائدة مرتفعة، باعتبار أن قيمة العقار نفسه ترتفع مع التضخم. هذا التوجه ساهم في إبقاء الأسعار مرتفعة رغم تراجع المبيعات في بعض الأسواق. باختصار، خلق التضخم معضلة: تكلفة بناء أعلى وتكلفة تمويل أعلى في آن واحد، مما جعل قرار تملك المسكن (شراءً أو بناءً) أكثر تعقيدًا ويتطلب حسابات دقيقة لتكاليف المدى القصير والطويل.

دور تكاليف المعماريين والمهندسين في القرار العقاري
تلعب تكاليف الخدمات الهندسية والمعمارية دورًا ملموسًا في ميزانية أي مشروع بناء، وبالتالي في قرار المضي ببناء منزل جديد من عدمه. فعند بناء منزل من الصفر، لا يقتصر الأمر على شراء المواد ودفع أجور المقاولين، بل هناك نسبة مهمة من التكلفة تذهب إلى تصميم المخططات والإشراف الهندسي. تختلف هذه التكلفة نسبةً وتناسبًا باختلاف السوق؛ فمثلاً في الولايات المتحدة غالبًا ما يتقاضى المهندسون والمعماريون ما بين 8% إلى 15% من تكلفة البناء كأتعاب تصميم وإدارة للمشروع، وقد ترتفع النسبة في المشاريع الصغيرة أو شديدة التعقيد إلى 20%. في المقابل، تشير بعض التقديرات في السعودية إلى أن الأتعاب الهندسية الكاملة (تصميم وإشراف) تتراوح فقط بين 3% إلى 7% من التكلفة الإجمالية للمشروع، وذلك بسبب انخفاض تكاليف الخدمات محليًا واعتماد بعض المكاتب على تسعير أقل لجذب العملاء. هذا الفرق يعني أن بناء منزل مع تصميم مخصص سيكون أثره المالي أكبر بكثير في الولايات المتحدة منه في السعودية مثلًا. لذا نلاحظ أن كثيرًا من الأميركيين يتجنبون توظيف معماري لمشاريع المنازل الاقتصادية ويلجأون لخطط جاهزة أو خدمات محدودة لتقليل الرسوم، بينما في الخليج قد تكون رسوم المهندسين أقل عائقًا نسبيًا (مع توفر الكثير من المكاتب الهندسية المحلية بتكاليف معقولة).
مع ذلك، لا ينبغي التقليل من دور وجودة التصميم في نجاح المشروع العقاري. فالتصميم الجيد قد يوفر تكاليف لاحقة عبر تجنب الأخطاء التنفيذية وتحسين كفاءة استخدام المواد والمساحات. لكن عندما تكون الميزانية مضغوطة بفعل التضخم وغلاء المواد، سيبحث المالك عن سبل لضبط المصاريف الهندسية دون التضحية بجودة المشروع. من استراتيجيات تقليل تكاليف التصميم والبناء مع الحفاظ على الجودة:
- اختيار تصاميم جاهزة أو نمطية: إعادة استخدام مخططات معمارية جاهزة بدلاً من ابتكار تصميم جديد بالكامل يمكن أن يخفض الأتعاب ويختصر مدة التصميم. كما أن البناء بطريقة modular (الوحدات الجاهزة) باتت استراتيجية ناجحة لخفض التكاليف والحد من تأثير نقص المواد أو العمالة، إذ يتيح تصنيع أجزاء من المبنى خارج الموقع ثم تركيبها توفيرًا في الوقت والكلفة.
- التعاون المبكر بين فريق التصميم والتنفيذ: إشراك المهندسين والمقاولين معًا منذ المراحل الأولى للمشروع يضمن تصميمًا واقعيًا يلائم ميزانية التنفيذ، ويقلل التغييرات المكلفة أثناء البناء. توصي التقارير بالتنسيق الوثيق بين المالك والاستشاري والمقاول لضبط الجدول الزمني والكلفة وتأمين الموارد في وقت مبكر.
- تحديد نطاق الخدمات الهندسية بدقة: يمكن الاتفاق مع المعماريين على حزمة خدمات محدودة تتناسب مع ميزانية المشروع. فعلى سبيل المثال، قد يختار المالك تكليف المهندس بالتصميم المعماري الأساسي فقط دون تكاليف الإشراف الكامل، أو الاستعانة بمهندس مستقل للمراجعة بدلاً من مكتب كبير عالي الأجر.
- اعتماد مبدأ القيمة الهندسية (Value Engineering): وهو مراجعة التصميم والمواصفات للبحث عن بدائل أقل تكلفة تؤدي الغرض نفسه. يشمل ذلك اختيار مواد بديلة أرخص لكنها متينة، أو تبسيط بعض عناصر التصميم غير الضرورية، مع الحفاظ على المعايير الأساسية للجودة والمتانة.
- دمج معايير الاستدامة والكفاءة من البداية: التصميم الموفر للطاقة والمياه قد يكلف أكثر قليلاً في مرحلة البناء، لكنه يوفر تكاليف التشغيل والصيانة لاحقًا. يشير الخبراء إلى أهمية النظر في العمر الافتراضي طويل المدى أثناء التصميم لتجنب تكاليف تعديل مستقبلية. على سبيل المثال، العزل الحراري الجيد وتصميم التهوية الطبيعية قد يرفع تكلفة البناء اليوم لكنه يخفض فواتير الطاقة والصيانة لعقود.
- استخدام التقنيات الرقمية في التصميم والبناء: تبني أدوات نمذجة معلومات البناء (BIM) والتحليل الرقمي يتيح اكتشاف التعارضات والأخطاء قبل البدء بالبناء، ما يجنّب التعديلات المكلفة أثناء العمل. كما أن تقنيات مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد لبعض العناصر، واستخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين جداول الكميات، تساعد في التحكم بالتكاليف وتعزيز الكفاءة.
- المقارنة والتسعير التنافسي: يفضل الحصول على عروض أتعاب من عدة مكاتب تصميم ومقارنة الخبرات والتكاليف. المنافسة قد تدفع البعض لتخفيض السعر أو تقديم خدمات إضافية بدون تكلفة. كذلك الأمر مع المقاولين؛ المناقصات الشفافة يمكن أن توفر نسبة جيدة من التكلفة الإجمالية.
من خلال هذه الاستراتيجيات، يمكن لصاحب المشروع تخفيض فاتورة التصميم والبناء دون التضحية بأساسيات الجودة والسلامة. فعلى سبيل المثال، تبني الإنشاء مسبق الصنع جزئيًا وتوحيد المواصفات عبر المشروع يحد من الهدر، والتعاقد مع مهندس ذو خبرة في المشاريع المشابهة قد يختصر الكثير من الوقت والتجربة والخطأ. توازن كهذا أصبح ضروريًا في ظل تضخم الأسعار الحالي حتى يبقى خيار بناء منزل جديد مجديًا اقتصاديًا مقارنة بشراء منزل جاهز.
نصائح لاتخاذ القرار الصحيح (شراء أم بناء؟ وكيفية التكيف مع الفائدة المرتفعة)
أمام التغيرات الراهنة في الأسعار ومعدلات التمويل، على المستهلكين تبني منهج مدروس لاتخاذ القرار العقاري المناسب. فيما يلي بعض النصائح والإرشادات لمساعدة الأفراد في اختيار الخيار الأفضل بين شراء عقار جاهز أو بنائه من الصفر، والتعامل مع تحديات السوق:
- تقييم التكلفة الشاملة للشراء مقابل البناء: ابدأ بحساب كافة التكاليف المرتبطة بكل خيار. شراء منزل جاهز يتضمن سعر العقار ورسوم السماسرة والتمويل، وربما تكاليف صيانة أو تجديد بسيطة بعد الشراء. في المقابل، بناء منزل يشمل كلفة الأرض والتصميم والتصاريح والإنشاء (المواد والعمالة) بالإضافة إلى تكاليف التمويل أثناء البناء. في ظل ارتفاع أسعار المواد والبناء مؤخرًا، قد تجد أن سعر شراء منزل قائم أقل من تكلفة بنائه جديدًا بالجودة نفسها. على سبيل المثال، إذا كانت أسعار المنازل المعروضة في منطقتك معقولة مقارنة بتكاليف البناء الحالية (التي ارتفعت بنحو 30% عن ما قبل بضع سنوات)، فقد يكون الشراء هو القرار المالي الأذكى. أما إذا كنت تمتلك الأرض مسبقًا ولديك متطلبات خاصة لا تلبيها المنازل المعروضة، فقد ترجح كفة البناء رغم تكلفته المرتفعة نسبيًا.
- أخذ عامل الوقت بعين الاعتبار: الشراء يمنحك مسكنًا جاهزًا للسكن فورًا (أو خلال أسابيع من إنهاء الإجراءات)، بينما البناء قد يستغرق عدة أشهر إلى سنوات بحسب حجم المشروع وظروف التنفيذ. إذا كنت تحتاج لمنزل بشكل عاجل أو لا ترغب في تحمل عناء الإيجار طويلًا خلال فترة البناء، يكون شراء منزل جاهز خيارًا عمليًا أكثر. أيضًا، في الأوقات التي ترتفع فيها أسعار الفائدة بسرعة، طول مدة البناء قد يعرضك لمخاطر تغير تكلفة التمويل أو المواد في منتصف المشروع. لذا فكلما طال زمن البناء، زادت احتمالية تجاوز الميزانية المخططة. من جهة أخرى، إذا كانت أسعار العقارات المعروضة مرتفعة جدًا حاليًا، قد تختار البناء وتتحمل الانتظار على أمل أن تحصل على منزل مخصص يلبي احتياجاتك تمامًا ويستحق كلفة الانتظار والتمويل خلال فترة التنفيذ.
- مراعاة ظروف السوق المحلية: القرار يمكن أن يختلف بحسب حالة السوق في منطقتك. في السوق الصاعد الذي ترتفع فيه أسعار العقارات بسرعة، قد يكون شراء أرض وبناء منزل عليها طريقة للاستفادة من ارتفاع القيمة (حيث يرتفع سعر الأرض والمنزل أثناء فترة البناء). أما في سوق راكد أو متراجع، فقد تجد صفقات جيدة لمنازل جاهزة بأسعار أقل من تكلفة استبدالها (أي أقل من تكلفة بناء منزل جديد بنفس المواصفات)، وبالتالي يكون الشراء أوفر. قم بدراسة المؤشرات المحلية كمعدل نمو الأسعار السنوي وعدد المعروض من المنازل مقابل الطلب. على سبيل المثال، إذا كانت المساكن المعروضة للبيع كثيرة والمبيعات متراجعة فهذا يميل الكفة لصالح الشراء مع إمكانية التفاوض على سعر أقل، أما إذا كان العرض شحيحًا والأسعار تقفز كل سنة فالبناء قد يمنحك قيمة أفضل على المدى البعيد.
- مواجهة معضلة معدلات الفائدة المرتفعة: في الوقت الحالي، معدلات الفائدة عند أعلى مستوياتها منذ عقود مما يثقل كاهل المشترين بقروض غالية التكلفة. للتعامل مع هذا الوضع هناك استراتيجيات عدة:
- البحث عن خيارات تمويل ميسرة: لا تقبل أول عرض قرض يصادفك. تسوّق بين البنوك والمؤسسات المالية فبعضها قد يقدم عروضًا أفضل أو برامج خاصة للمطورين والمشترين. أحيانًا يمكن التفاوض على معدل الفائدة نفسه مع المقرض خاصة إذا كان لديك سجل ائتماني قوي. كذلك افحص إمكانية الحصول على قرض عقاري مدعوم حكوميًا إذا كنت مؤهلاً لذلك. في دول الخليج، يمكن أن تجد برامج تمويل إسكان مدعومة تقلل العبء.
- زيادة الدفعة المقدمة أو مدة القرض: كلما دفعت جزءًا أكبر مقدمًا، انخفض حجم القرض وبالتالي قيمة الفائدة الإجمالية المدفوعة. كذلك قد يساعد تمديد مدة القرض في خفض القسط الشهري إلى نطاق ممكن، وإن كان يعني دفع فائدة إجمالية أكبر على المدى الطويل. الخيار يعتمد على قدرتك الحالية والتدفقات النقدية المتوقعة.
- استخدام خيار “الشراء ثم إعادة التمويل”: إحدى الاستراتيجيات الشائعة في أمريكا حاليًا مقولة “تزوّج المنزل وواعد المعدل”، أي اشتري المنزل بالسعر المناسب حاليًا ولا تقلق كثيرًا من معدل الفائدة المرتفع لأنه يمكن إعادة تمويل القرض لاحقًا عند انخفاض الفوائد. المهم أن يكون العقار ملائمًا والسعر معقول. هذه الإستراتيجية تنطوي على مخاطرة إذا استمرت المعدلات بالارتفاع لفترة أطول من المتوقع، لكن تاريخيًا دورات الفائدة ترتفع ثم تنخفض مما يعطي الأمل بإمكانية إعادة التمويل في غضون بضع سنوات.
- البحث عن تسهيلات من البائع أو المطور: في الأسواق الراكدة نسبيًا، يقوم بعض البائعين بتقديم حوافز وتنازلات لجذب المشترين، مثل المساهمة في دفع نقاط لخفض معدل الفائدة خلال السنوات الأولى أو تغطية رسوم الإغلاق. تشير بيانات حديثة أن نحو 42% من صفقات البيع في الولايات المتحدة بنهاية 2022 شملت تنازلات من البائعين. لا تتردد في طلب مساهمة البائع في تخفيف عبء الفائدة، سواءً مباشرة عبر تخفيض السعر أو بشكل غير مباشر عبر تغطية بعض التكاليف عنك. وفي حال شراء بيت من مطوّر عقاري، استفسر عن عروضهم التمويلية؛ العديد من المطورين يقدمون رزم تمويلية بأسعار مخفضة أو يتعاونون مع بنوك لمنح معدل أقل لجذب المشترين خلال فترة الفائدة العالية.
- استراتيجيات التفاوض في الأسواق المتقلبة: سواء كنت تشتري منزلًا جاهزًا في سوق متباطئة أو تتعاقد على بناء منزل أثناء تذبذب أسعار المواد، فإن مهارات التفاوض يمكن أن توفر عليك مبلغًا كبيرًا. إذا كنت مشتريًا في سوق عقارية تعاني من تباطؤ، استفد من موقعك التفاوضي: قدم عروضًا بسعر أقل من المطلوب مستندًا إلى بيانات انخفاض المبيعات، واطلب فحوصات دقيقة لكل شيء مع إلزام البائع بإصلاح العيوب أو تغطية كلفتها. في ظل شح المشترين، غالبًا ما يرضخ البائعون الجادون لتخفيضات معقولة في السعر أو تقديم تسهيلات. أما إن كنت تتفاوض مع مقاول لبناء منزل، فحاول تثبيت أسعار المواد ضمن عقد البناء قدر الإمكان أو قم بشراء بعض المواد الأساسية مقدمًا وتخزينها إذا كانت قابلة لذلك، لتحمي نفسك من تقلبات الأسعار المستقبلية. أيضًا قارن عروض عدة مقاولين وحاول إشراكهم في منافسة سعرية – ولكن دون التضحية بخبرة وجودة المقاول، فالسعر الأرخص ليس خيارًا جيدًا إن كان على حساب الجودة أو الالتزام الزمني. أخيرًا، ضع في الحسبان ظروف البائع أو المقاول: بائعٌ منزله في السوق منذ أشهر سيكون أكثر مرونة من آخر منزله مطلوب بشدة، ومقاول لديه مشاريع قليلة حاليًا قد يقدم سعرًا أفضل ورغبة أكبر في الحصول على عمل جديد. جمع المعلومات عن وضع السوق المحلي الآني سيساعدك في بناء استراتيجية تفاوض فعّالة مبنية على واقع السوق.
توقعات مستقبلية للسوق العقاري
يتطلع الكثير من المهتمين بالعقار إلى ما ستؤول إليه الأوضاع خلال السنة القادمة وفي المدى المتوسط، خصوصًا فيما يتعلق بأسعار العقارات واتجاه أسعار الفائدة وتوجهات قطاع البناء. ورغم صعوبة التنبؤ الدقيق، فإن آراء الخبراء والتقارير الحديثة ترسم صورة عامة يمكن الاسترشاد بها لاتخاذ قرارات استراتيجية:
أسعار العقارات: هل ستنخفض أم تستقر؟
يتفق معظم المحللين على أنه من المستبعد حدوث انهيار كبير في أسعار العقارات خلال العام المقبل، بل المتوقع إما استمرار الارتفاع الطفيف أو الاستقرار عند المستويات الحالية في أغلب الأسواق. في الولايات المتحدة، بعد التصحيح الذي حدث في حجم المبيعات عام 2023، يتوقع أن تستقر الأسعار بل وتميل للارتفاع بنسبة طفيفة (~2% سنويًا في 2025 و2026) بحسب توقعات NAR. ويرجح ذلك بسبب استمرار نقص المعروض السكني قياسًا بالطلب في العديد من المناطق، مما يحمي الأسعار من الهبوط الحاد. حتى في حال تحسن مستوى المخزون العقاري قليلًا، يُتوقع أن يقابله انتعاش في المبيعات بحيث يبقى التوازن قريبًا من الوضع الحالي. بعض المدن التي شهدت تضخمًا سعريًا كبيرًا مؤخرًا (كمعظم مدن الجنوب الغربي الأميركي) قد تسجل انخفاضات محدودة في الأسعار نتيجة وصولها لمستويات عالية من عدم القدرة على الشراء، لكن على الصعيد الوطني لا يتوقع انخفاض سنوي صريح. أما في دول الخليج، فالسيناريو الأقرب هو استمرار الزخم الإيجابي للأسعار مدعومًا بعوامل اقتصادية وديموغرافية. فمع بقاء أسعار النفط مستقرة نسبيًا وتواصل الإنفاق الحكومي على المشاريع، تشير الدراسات إلى أن القطاع العقاري الخليجي مهيأ لنمو مطّرد أو متسارع في النصف الأول من 2024. في السعودية مثلًا، على الرغم من تحديات القدرة الشرائية، شهدنا ارتفاعًا عامًا في مؤشر الأسعار خلال 2024 بنحو 0.7% في الربع الثالث، ومع تحسن النشاط الاقتصادي المتوقع 2025 (نمو الناتج المحلي +4%) قد يستمر ارتفاع الأسعار بوتيرة معتدلة. قد تختلف الصورة من فئة لأخرى؛ فالعقارات الفاخرة وذات المواقع المميزة ستبقى مطلوبة وترتفع قيمتها، بينما قد تواجه العقارات المتوسطة والاقتصادية ضغوطًا إذا لم تلحق الدخول بركب التضخم. بشكل عام، لا يتوقع هبوط كبير في الأسعار في الخليج أيضًا، وربما نشهد استقرارًا أو ارتفاعات بسيطة في 2024، خاصة أن الحكومات تسعى لتفادي أي ركود في هذا القطاع نظرًا لدوره التنموي.
معدلات الفائدة: إلى أين تتجه؟
بعد سلسلة زيادات حادة في أسعار الفائدة خلال 2022-2023 لكبح التضخم، بدأت التوقعات تميل إلى أن ذروة دورة التشديد النقدي قد أصبحت خلفنا. في الولايات المتحدة، يُجمع الكثير من الخبراء على أن الاحتياطي الفيدرالي سيبدأ في تخفيض الفائدة تدريجيًا في 2024 و2025 إذا استمر التضخم في الانحسار، لكن من المرجح أن تستقر المعدلات عند مستوى أعلى مما كانت عليه في العقد الماضي. يتوقع كبير اقتصاديي NAR لورنس يون أن تستقر معدلات الرهن العقاري حول %6 كـ«الوضع الطبيعي الجديد» (مقارنة بـ ~4% في عصر ما قبل التضخم). أي أننا قد نرى بعض الانخفاض عن المستويات الحالية التي اقتربت من 7%، ولكن ليس عودة إلى فائدة 3% أو 4% في المدى المنظور. هذه الأخبار في حال تحققها تعني تحسن طفيف في القدرة على الاقتراض مع مرور الوقت، مما قد ينعش الطلب المكبوت تدريجيًا. أما في الاقتصادات المرتبطة بالدولار مثل الخليج (حيث تربط معظم الدول عملاتها بالدولار الأميركي)، فإن سياسة الفائدة المحلية تتبع بشكل وثيق الفيدرالي الأميركي. بناءً عليه، إذا بدأ الفيدرالي الخفض فستنخفض تكاليف الإقراض في الخليج أيضًا مما سيدعم القطاع العقاري المحلي. بعض التوقعات تشير إلى احتمال قيام البنوك المركزية الخليجية بخفض طفيف للفائدة في 2024 لدعم النمو، خصوصًا لو تراجع التضخم المحلي واستقرت الأسواق. لكن يجدر الانتباه إلى سيناريوهات أخرى: ففي حال عاد التضخم للارتفاع عالميًا أو حصلت صدمات جديدة، قد تستمر الفوائد المرتفعة لفترة أطول مما يؤجل التعافي الكامل للسوق العقاري. الخلاصة: على الأرجح سنشهد استقرارًا أو انخفاضًا تدريجيًا لمعدلات الفائدة خلال العامين القادمين، مما سيخفف بعض العبء عن كاهل المشترين والبنّائين، وإن كان من غير المتوقع عودة الأموال الرخيصة كما كانت في سنوات ما قبل الجائحة.
توجهات البناء والتطوير المستقبلية:
في ظل التضخم وتغيرات السوق، سيتشكل قطاع التطوير العقاري وفق اتجاهات تهدف لتحقيق كفاءة أعلى وتكلفة أقل قدر الإمكان. من هذه التوجهات المتوقعة:
- التركيز على الإسكان الميسّر والمتوسط: ستولي الحكومات والمطورون اهتمامًا أكبر لبناء مساكن بفئة سعرية ميسورة تلبي شريحة أكبر من المواطنين. فارتفاع الأسعار الأخير أخرج كثيرًا من المشترين من السوق، لذا هناك حاجة لمشاريع توفر وحدات بأسعار معقولة (سواء شقق أو منازل أصغر حجمًا). قد نرى مثلًا زيادة في المجمعات السكنية المخدومة الصغيرة أو الشقق متوسطة المساحة الموجهة للشباب والأسر الناشئة. في السعودية مثلاً، برامج الإسكان الحكومية ستستمر بالتوسع لتضييق الفجوة بين العرض والطلب على المساكن الميسرة.
- تعزيز البناء بتقنيات حديثة لتوفير التكلفة والوقت: كما ذكرنا سابقًا، البناء الصناعي خارج الموقع والتقنيات مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد قد تكتسب زخمًا أكبر. الهدف هو زيادة الإنتاجية وتقليل الاعتماد على العمالة الكثيفة التي ارتفع ثمنها مع التضخم. شركات التطوير قد تستثمر في مصانع تركيب مسبق للبناء لتوريد وحدات جاهزة للمواقع. هذه الأساليب ثبت نجاحها في ضبط التكلفة في مشاريع عالمية، وقد تتوسع في الشرق الأوسط مع الحاجة لبناء سريع ضمن ميزانيات محدودة.
- المشاريع الخضراء والمستدامة: رغم أنها قد تبدو كلفة أعلى مبدئيًا، إلا أن التوجه نحو المباني الصديقة للبيئة سيستمر مدفوعًا بوعي حكومي ومؤسسي لتقليل استهلاك الطاقة والمياه. على المدى الطويل، المباني الموفرة للطاقة ستكون أقل عبئًا على السكان من ناحية فواتير التشغيل، مما يزيد جاذبيتها حتى في ظل التضخم. نتوقع أن المطورين سيعتمدون مزيدًا من معايير الاستدامة للحصول على شهادات خضراء وجذب شريحة من المشترين المستعدين لدفع فرق السعر لأجل التوفير المستقبلي.
- ازدياد دور المستثمر المؤسسي في الإسكان: في الولايات المتحدة، هناك ميل متزايد نحو الاستثمار في المنازل للإيجار بدلًا من البيع، أي بناء مجمعات من المنازل وطرحها للتأجير طويل الأجل. هذا التوجه قد يستمر مع بقاء كثير من الأسر غير قادرة على الشراء والتحول إلى الإيجار. بالتالي سيستثمر المطورون والمؤسسات في ملكية العقارات للإيجار كاستراتيجية بعيدة المدى، وهو ما قد يخفف ضغط الشراء قليلاً ولكنه يوفر بدائل سكنية. في الخليج، ربما نرى نموذجًا مشابهًا في القطاع الفاخر (مثل شقق فندقية أو فلل للتأجير) لكن الملكية الفردية للمساكن ستظل هي الثقافة السائدة للأغلبية.
- المشاريع الضخمة والمدن الجديدة: على صعيد آخر، سيتواصل العمل في المشاريع العقارية العملاقة المدعومة حكوميًا خاصة في الخليج (مثل مدينة نيوم ومشاريع البحر الأحمر في السعودية، والتوسعات العمرانية في أبوظبي ودبي). هذه المشاريع على الرغم من تكلفتها العالية تُعتبر ركيزة لتنويع الاقتصاد وجذب الاستثمار الأجنبي، لذا سيستمر ضخ الأموال فيها حتى لو ارتفعت تكاليف التنفيذ بعض الشيء. وجود هذه المشاريع الكبيرة قد يساعد قطاع البناء في المنطقة على الاستمرار بالنمو وتحقيق وفورات حجم تُخفف من أثر التضخم (بمعنى عقود ضخمة لموّردين وشركات قد تدفعهم لتوسعة الإنتاج وخفض الأسعار للوحدات). بالإضافة إلى ذلك، نجاح هذه المشاريع سيخلق موجات طلب جديدة على الإسكان والخدمات في المناطق المحيطة بها.
الختام:
يمكن القول إن قرار شراء أو بناء منزل في المرحلة الحالية يتطلب نظرة شمولية تأخذ بالاعتبار أوضاع السوق الراهنة والتوقعات المستقبلية مع تقييم دقيق للموارد الشخصية. التضخم وارتفاع الفائدة شكّلا تحديًا مزدوجًا، لكن السوق العقاري يتكيف تاريخيًا مع الدورات الاقتصادية. فمن استفاد من فترات الفائدة المنخفضة سابقًا واجه الآن تباطؤًا، والعكس قد يحصل خلال السنوات القادمة عندما تنخفض الفوائد تدريجيًا ويتحسن الزخم العقاري. النصيحة الذهبية للمستهلك هي الاستناد إلى البيانات الواقعية (أسعار البيع التاريخية، تكلفة البناء المحدثة، عروض التمويل المتاحة) ومحاكاة سيناريوهات مختلفة قبل الإقدام على القرار. هل يمكنك تحمل قسط أعلى الآن مقابل بيت أحلامك، أم ستنتظر استقرار السوق أكثر؟