تخطى إلى المحتوى
Home » مناقشة معمارية » التأثير غير المباشر للعواطف على العمارة

التأثير غير المباشر للعواطف على العمارة

  • بواسطة

في بعض الأحيان ننظر الي أمور كثيرة علي انها ثوابت و مسلمات تكون البيئة المعمارية المحيطة من حولنا، بالنظر الي نشأت الانسان نري انه مرتبط بشكل أساسي مع عناصر معمارية ملوسة قامت بالتأثير علية بشكل ممنهج و نتج عنها الانطباع السكاني و شكل لنا الهوية المعمارية و الطراز العمراني، قد لا نبالغ ان قلنا ان تلك المحددات نتجت من التأثير الجيني الذي أنعكس علي واقع حياة الانسان، التأثيرات الجينية التي القت بظلالها علي المجتمع بشكل أساسي و كبير ضمن النطاق الجغرافي الذي يسكن فيه الفرد و نتج عنها أمم و قبائل و أشكال و ملامح تميز كل مجتمع فظهر الاسيوي و الأفريقي و الأوربي و أمريكي الجنوبي، جميع هذه الملامح الجينية تأثرت بشكل أساسي بالتأثيرات المناخية كما يقول علماء الاحياء و التاريخ، اضف الي التأثيرات المكانية.

و بالحديث عن الهوية و الطراز العمراني، الملابس تأثرت كذلك و كان يوجد تأثير قد يكون غير مباشر للملابس علي العمارة و العكس صحيح فالعمارة عبارة عن كيان أساسي يذكر برمز أساسي، فنري علي سبيل المثال وجود ارتباط بين معني لتصميم ملابس الملك عبد العزيز المؤسس مع شكل قصر المصمك، الذي قد يكون يوصف ببيت الحكم في الرياض ذلك الوقت و ما له من أهمية بارزة، قد لا يلاحظ الزائر في وقتها تواجد الملك عبد العزيز لكن بتأثير غير مباشر بين الموضة و الأزياء و ارتباطها بالعمارة، سوف يصبح من البديهي لاي زائر الي الرياض معرفة هوية الملك المؤسس بعد ان يلمح ملابسة و ارتباطها بقصر الحكم في ذلك الوقت و هنا يجب ان نميز بين التأثير العاطفي للعناصر المعمارية و العناصر الحسية الأخرى و المرتبطة بالإنسان، فقد نجد علاقة مرتبطة بين مصمم الأزياء و شكل القصر في ذلك الوقت دون ان يكون قد احس بشكل مباشر بهذه التفاصيل.

لا ننكر بان الانسان تعلم بعد ذلك ان يكون أكثر عملية ويكون واقعي، وتعلم الانسان ان الارتباط العاطفي قد يكون غير عملي في كثير من الأمور وذلك نتج عنه العصر الصناعي والذي قد يشار الية فيما بعد انه الحقبة الزمنية التي الحقت الضرر بالبيئة والاحتباس الحراري، أضف الي الرتابة في التكوين المعماري لبعض الحالات المعمارية.

و بالنظر الي تأثير العاطفة علي الانسان و ما قد يكون في بعض الأحيان غير ناجح، نود ان نوضح ان الانسان عدو ما يجهل في كثير من الأحيان، قد يكون المجتمع غير متوافق مع بعض القرارات الاجتماعية و قد يكون كذلك غير متقبل لتغيير نمط معين في حياته اليومية التي تعود عليها و قد يكون دائما ساخطا علي أي مبني او تصميم معماري جديد و هذا امر طبيعي و ما يجب ان يسمي (الإنسانية خلف العمارة) لان كل تصرف ناتج عن انطباع سوف يحدد مدي الرضي و أنسنه الفراغ مع المستخدم المتقبل للفراغ المعماري و هنا نريد ان نسرد قصة هذا المعماري الذي كان معاصر في وقتها، انه المعماري النمساوي ادورد فان دير نول Eduard Van Der Null، معماري نمساوي كان علي تواصل و وفاء وثيق مع البلاط الملكي النمساوي أسندت الية مهام معمارية قام بإنجازها علي اكمل وجه حتي أتته الفرصة التي يحلم به و هي اسناد مهم تصميم وتنفيذ دار الأوبرا في فينا المبني المعروف والذي تم إنشاؤه عام 1901

حرفيا كان ادورد يقوم بعمل مميز في ذلك الوقت و استمر العمل علي هذا الصرح المميز أعوام عديدة حتي أتت لحظة الصفر، التي كان يحلم بها المعماري و هي افتتاح المبني، تفاجء الجميع بان الامبراطور لم يعجبه المبني و قام بانتقاده، كما فتح ذلك المجال امام العامة للتشكيك في التصميم المعماري الخاص بالمبني و وصفوة بالبشع، و انهالت الانتقادات اللاذعة و التي تصف المبني و التصميم المعماري مما لم يستطع ان يقوي عليها هذا المعماري مما دفعة بكل اسف للانتحار، حينها تاركا المجال المجازي لوصف اوبري فينا انها اكبر نصب لضريح يخلد ذكري هذا المعماري الذي نظريا يعد ضحية للعواطف البشرية التي تؤثر علي العمارة.

الا ان المفارقة الأشد غرابة ان المعماري في اغلب الأحيان يكون مستقرئ للمستقبل فمبني اوبري فينا هذا يعد الان نقطة محورية للسياحة في فينا، بل انه يشار اليه انه أحد علامات الأرض في فينا ومركز فني يحتوي التراث الفني للمدينة.

ان التصميم المعماري مجال واسع يمكن ان يتقبل كل شيء، هذا المقال نتحدث عن بعض الأمور و تبدو كأنها فلسفة في نهاية الامر كما يقال كل الطرق تؤدي الي روما، سوف نقول كل العناصر يمكنها ان تقرن بالعمارة، بالفعل المزاج و العاطفة يمكن للإنسان ان يعيشه لكن المعماري المميز سوف يقرء المستقبل، لقد استعرضنا فكرة المعماري النمساوي لكن قد تبدو الأمور في تلك الفترة أشبه بالضحلة للمجتمع، فلقد سمح المعماري للمجتمع الذي لم يكون في ذلك الوقت علي اطلاع كبير في التشكيك بإنجاز طبيعي، بالفعل يمكننا ان نصف اوبري فينا حاليا انها انجاز طبيعي في ذلك الوقت كون ان الرؤية المجتمعية كانت ضحلة للمجتمع و الدليل علي ذلك، يذهب احد المؤرخين الي اعظم وصف انجازي لفلم سينمائي انه الفلم السينمائي للخيال العلمي في ذلك الوقت الفلم الفرنسي (رحلة الي القمر)

لقد أصاب المجتمع في وصف مشهد المركبة المخترقة للغلاف الجوي القمري الا ان الوصف العاطفي حمل المشاهد فرصة تخيل ان المناخ القمري والاعدادات البشرية تعتبر طبيعية وهذا امر في غاية السذاجة حاليا، ان المشهد الفني الذي يصف عمق العواطف للمجتمع فتلك الفترة كان عمق طبيعي وينمو بطريقة بطيئة جدا، جعلت من الحقبة الزمنية السابقة مؤثرا قويا على الانسان والتصميم المعماري، ثم اتي العلم والتطور الهائل في مجال العلوم وجعل الانسان أكثر واقعية وبرغماتية فيما يخص كل تفاصيل حياته. بما في ذلك العمارة.